كشف تقرير صادم عن وضعية المحكومين بالإعدام بالسجون المغربية، جانبا من الأوضاع المزرية التي تعيشها هذه الفئة، حيث أبان البحث الميداني الذي أجري على عينة تمثيلية تضم 52 محكوما بالإعدام ونزلاء بكل من سجن القنيطرة ومكناس ووجدة ، أن 67 في المائة؛ أي ثلثي المحكومين بالإعدام داخل السجون المغربية، يعانون من أمراض عقلية مزمنة، وأن أغلب تلك الأمراض كان بالإمكان أن يترتب عنها إسقاط أية مسؤولية جنائية أثناء المحاكمة.

وأوضح التقرير، الذي أنجز من قبل المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بتعاون مع الجمعية الفرنسية «معا ضد عقوبة الإعدام»  والائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، أنه كان بإمكان المحكمة أن تلجأ الى خبرة طبية تحدد الحالة النفسية وقت ارتكاب الجريمة، مبرزا أنه بالرغم من أن معاملة المحكومين بالإعدام من طرف الإدارة والحراس قد تحسنت كثيرا في العقد الأخير إلا أن ظروف الاعتقال تظل صعبة، خاصة فيما يتعلق بالحاجيات المادية مثل الغذاء والأغطية والملابس، كما أن النظافة تسجل نقصا وتبقى دون معايير الحقوق المطلوبة للسجناء .

وأكد التقرير تفاقم ظهور اضطرابات نفسية داخل عنابر الموت، ولاسيما بسبب الانتظار الذي يشكل في حد ذاته موتا بطيئا. فهذه الشروط حسب التقرير دائما تدفع بـ 35 في المائة إلى التفكير في الانتحار أو الرغبة في أن تنفذ عقوبة الإعدام، محملا المسؤولية للقضاء الذي لا يقوم بإجراء خبرة طبية إبان المحاكمة.

وأظهر التقرير أن 15.38 في المائة من المعتقلين يعتقدون في إمكانية استئناف الدولة تنفيذ عقوبة الإعدام بالرغم من تجميد التنفيذ المطبق في البلد منذ 1993، كما أن 29 في المائة فقط يتلقون الزيارات من أقربائهم وأن 85 في المائة مقتنعين بأنهم ارتكبوا جرائم دفاعا عن النفس.

وخلصت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان إلى مجموعة من التوصيات موجهة الى السلطات السياسية من أجل الشروع في إصلاح التشريع الجنائي والانخراط في إلغاء عقوبة الإعدام. واقترحت على الحكومة التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام  في كل الظروف.

كما دعت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج إلى وضع ثلثي المحكومين عليهم بالإعدام ضحايا الأمراض النفسية في مستشفيا للأمراض النفسية وتكليف لجنة تضم أطباء للأمراض النفسية والعقلية لتقييم حالتهم العقلية، مبرزة أنه على مندوبية السجون ومديري سجون القنيطرة ومكناس ووجدة اتخاذ جميع التدابير الضرورية لتحسين ظروف الاعتقال، مع مطالبتهم، بشكل خاص، بالسماح باستعمال السخان داخل الزنازين ومدهم بالأفرشة وفتح قاعات للرياضة لتحفيزهم على مزاولة نشاط بدني.

وطالبت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، المصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، بتضمين حق زيارة المحكومين بالإعدام بالقانون المنظم للمؤسسات السجنية مع مباشرة إصلاح المسطرة الجنائية من أجل إقرار إجبارية القيام بالخبرة الطبية النفسية والعقلية في حالة الجرائم الأكثر خطورة، بالإضافة إلى إنشاء مصلحة، اجتماعية جهوية، للطب النفسي والتربية.